![]() |
تاريخ المغرب القديم في عهد البيزنطيين |
بسط بيزنطة سيطرتها على المغرب القديم
بعدما استطاع الامبراطور جستنيان حاكم بيزنطة القضاء على أخر حكام الوندال وهو جاليمار عام 534م ( كما تقدم ذكره في المقال السابق ) ، بسط سيطرته على كامل شامل افريقيا (ماعدا المغرب الأقصى الذي لم تستطع بيزنطة إحكام سلطتها عليه بسبب مقاومة البربر الشرسة ، فكانت تسيطر فقط على مدينة سبتة وبعض النواحي ) ، ولم يلقى صعوبة تذكر في انهاء الوجود الوندالي في المغرب حيث قضى عليهم في ظرف 6 أشهر ، ثم توجه الى جزر البحر المتوسط الغربي واحتل جزر البليار و سردينيا …
الحرب الدينية في شمال افريقيا وثورات البربر
لمّا استتب الأمر لجستنيان في شمال افريقيا اعلن عام 535م بأن المسيحية الكاثوليكية هي الديانة الرسمية للمغرب القديم ، وكما علمنا في المقال السابق أن أغلب البربر كانوا دوناتيين يؤمنون بالمسيحية الموحدة للخالق عكس المذاهب الأخرى المثلثة ، كما أن الوندال لما جاءوا للمغرب جلبوا معهم المذهب الآري الموحد للخالق كذلك ، وعلمنا أيضا كيف أن البربر أيّدوا حرب الوندال للكاثوليكيين في المغرب ، وكيف حاربوهم الى أن أنهوا وجودهم في شمال افريقيا .
فلما أعلن جستنيان قراره ذلك وجد الكاثوليك الفرص السانحة للانتقام وابشروا في تقتيل مخالفيهم من سكان المغرب واقاموا مجازر فضيعة في حق أتباع المذاهب الأخر ، وهذا ما جعل البربر يثور في وجه الوجود البيزنطي واحداث ثورات متتالية أبرزها :
– ثورة بربر بيزاسين بتونس في عهد الوالي البيزنطي Salomon (أول والي لبيزنطة على المغرب) ، وانتهت بانتصار الاخير وتفريق شملهم .
– ثورة بربر جبال أوراس ، لكنها هي أيضا تم اخمادها من قبل Salomon .
– ثورة بربر طرابلس عام 545م بزعامة أنطالاس ، في هذه المرة كان النصر حليفا لهم وقُتِل Salomon على أيديهم .
– ثورة البربر في عهد الوالي البيزنطي سرجيوس : كان هذا الوالي الجديد الذي جاء بعد Salomon ، لا يفقه شيء في السياسة وتدبير أمور الرعية ، فعامل البربر بالبطش والقسوة ، وبسببه ثارت ثائرة البربر مرة أخرى ضد الوالي الجديد ، لكن لم يفلحوا هذه المرة في احراز النصر ، وخاصة بعد ازاحة سرجيوس وتعويضه بـ ” جان طروكليتا ” (ويسمى أيضا في بعض المصادر بـ ” يوحنا طروكليته “) الذي أنهى تلك الثورة ، وحكم البلاد الى عام 552م .
بعد وفاة يوحنا طروكليته خلفه ولاة لم يكترثوا لحكم البلاد في شيء ، وإنما سنوا سنة قائمة على نهب ثروات شمال افريقيا والعودة الى بيزنطة للتباهي واللهو والتمتع بالملذات ، وصار على هذه السنة كل الولاة التابعين .
وظل البيزنطيين على هذا الحال و البربر يعاملون معاملة قاسية وتهميشية جعلتهم يقررون الثورة والاستقلال مرات عديدة ، وكل تلك الثورات لم تزد حكومة بيزنطة في المغرب القديم سوى الضعف وعدم القدرة على التحكم المطلق في أمور السياسة والاقتصاد الخاصة بالبلاد .
انتهاء الوجود البيزنطي في المغرب القديم
في سنة 610م ثار القائد البيزنطي المسمى هرقل ابن هرقل الأكبر على الامبراطور فوقاس ( 602م – 610م ) ، وبذلك وأصبح هرقل (610م – 641م) امبراطورا على بيزنطة .
وفي تلك الأثناء كان على المغرب واليا بيزنطيا اسمه “غريغوار” ( ويسمى في المصادر العربية أيضا بـ” جرجير “) ، ولما شاهد ضعف السلطة المركزية لبلاده قرر الاستقلال واعلان نفسه امبراطورا على جزء من بلاد المغرب واتخذ من مدينة سبيطلة عاصمة له ، أما حكومة بيزنطة فقد أرسلت واليا جديدا ينتصب على أرض قرطاجة ، وهكذا أصبحت بلاد المغرب بها دولتين بيزنطيتين .
في حين كان الاسلام قد بزغ نوره متجسدا في رسالة الرسول محمد عليه أفضل الصلوات والتسليم منذ علم 622م في جزيرة العرب ، وخاصة في عهد الخليفة الراشدي أبي بكر الصديق رضي الله عنه الذي شنّ مجموعة من الهجمات على الأراضي الرومية المجاورة لبلاد العرب ، فتوالت فتوحات المسلمين نحو الغرب ، فاتحين بلاد مصر عام 642م في أيام عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، ثم برقة (ليبيا الحالية) ، إلى أن وصلوا بلاد المغرب وشنوا عليه الغارات ابتداء من عام 646م ، معلنين بذلك نهاية الوجود البيزنطي في المغرب ، واستمرت مقاومة البربر للعرب الفاتحين لمدة 66 سنة .
ولنا في المقال المقبل تفصيلا عن مراحل فتح العرب لبلاد المغرب الذي اسلم لدين الاسلام ولا زال الى يومنا الراهن يدين به .
مقالات ذات صلة :
– تاريخ المغرب القديم : الفينيقيين والقرطاجيين
– تاريخ المغرب القديم في عهد الرومان (تاريخ شامل)
– تاريخ المغرب القديم في عهد الوندال (تاريخ شامل)