كما سبق الذكر في مقالنا السابق الذي كان بعنوان ” تعريف البيداغوجيا وانواعها ( الاستعداد لمباريات التعليم ) ” ، أننا لا يمكن الحديث عن بيداغوجيا التعليم وإنما على بيداغوجيات ، وذلك لتنوعها وتشعب مبادئها ووظائفها ، ومن تلك البيداغوجيات – التي هي موضوع مقالنا اليوم – بيداغوجيا الخطأ ، فما هي إذن هذه البيداغوجيا وما مفهومها ؟ وما هي مبادئها ووظائفها ؟
تعريف بيداغوجيا الخطأ :
بيداغوجيا الخطأ هي تصور ممنهج لعملية التعليم والتعلم ، يَعتبر الخطأ ضرورة ابستمولوجيا ، وبدونه لا تتحقق المعرفة المرجوة وذلك باعتبار ان كل حقيقة علمية فهي خطأ سابق تم تصحيحه ، وبالتالي فالخطأ هو ايجابي في حياة المتعلم لأنه يترجم سعيه الدائم لبلوغ المعرفة واحراز التقدم المعرفي .
و الخطأ حسب غاستون باشلار ليس عثرة امام التقدم والسير نحو الامام ، و انما هو ضرورة بيداغوجية تمثل نقطة انطلاق المعرفة لان هذه الاخيرة لا تُمنح جاهزة بل تتأسس على مجموعة من الاخطاء التي تم تصحيحها .
الخطأ لغة ، الابتعاد عن الصواب، وفي البيداغوجيا أو الخطأ البيداغوجي هو ” قصور لدى المتعلم في فهم او استيعاب التعليمات المعطاة له من لدن المدرسين، ينتج عنه اعطاء معرفة لا تنسجم مع معايير القبول المرتقبة ” .
وحسب ادغار موران ( فيلسوف وعالم اجتماع فرنسي ) ، لا عيب في ارتكاب الخطأ ، وانما الخطأ في عدم تقدير الخطأ ، لان فهم الخطأ ومعرفة مصدره يوجهنا لا محالة الى ادراك نواقص المعرفة وبتصحيحها تتشكل المعرفة الكاملة .
والحقيقة في حقل المعرفة ليست أبدية وانما حقائق الحاضر هي اخطاء المستقبل ، وكلما تطورت وسائل المعرفة كلما ظهرت حقائق معرفية جديدة تصحح اخطاء المعرفة التقليدية .
ومن البديهي أن طالب العلم أثناء تحصيله الاولي للمعرفة سيرتكب اخطاء تخص فهمه وادراكه للمواد المدروسة ، وهي اخطاء حتمية لابد منها ، لذلك يرى الفيلسوف الفرنسي جان بياجيه أن ” الخطأ شرط التعلم ” وهو دليل على ان الطالب يجتهد في بلوغ المعرفة ومحاولاته الدائمة في معرفة المزيد .
وبالتالي فالخطأ ضرورة ابستمولوجيا ، وعلينا كرواد المعرفة تقدير الخطأ واعطاءه أهمية كبيرة أثناء تقديم المعرفة .
متى يصير الخطأ منهج واستراتيجية للتعلم ؟
– رصد الخطأ المرتكب من طرف المتعلم واكتشافه بدقة . – عدم تحسيس المتعلم بالذنب جراء ارتكابه للخطأ ، مع اشعاره بأنه قد ارتكب خطأ معين ولا بأس في ذلك لأنه بداية التعلم . – تصنيف نوعية الخطأ المرتكب . – الانطلاق من الخطأ للعبور بالمتعلم الى المعرفة الحقة . – محاولة جعل المتعلم يساهم في تحديد أماكن الخطأ . – وضع فرضيات لأجل تصحيح الخطأ ، يكون المتعلم قد شارك في وضعها . – تقويم تلك الفرضيات والخروج من الخطأ الى الصواب .
أنواع الخطأ البيداغوجي :
– أخطاء مرتبطة بالمتعلم : يكون مرتكبها شخص واحد ضمن جماعة القسم . – أخطاء مرتبطة بجماعة القسم : يكون مرتكبها أكثر من شخص داخل الفصل الدراسي . – أخطاء مرتبطة بالوضعية الديداكتيكية بسبب صعوبتها أو عدم امتلاك المتعلم الاليات والوسائل المعرفية لحل وفهم مضامينها.
مقالات اخرى مفيدة : – تعريف البيداغوجيا وانواعها (اقرأ من هنا ) – الفلسفة المنفتحة عند غاستون باشلار ونظرته الى اسلوب التربية والتعليم (اقرأ من هنا)
موضوعات قد تعجبك
URL Copied
إرسال تعليق
تعليقات
إذا كنت تستخدم الهاتف بعد الكتابة اضغط على ok من لوحة المفاتيح
تعريف بيداغوجيا الخطأ :
بيداغوجيا الخطأ هي تصور ممنهج لعملية التعليم والتعلم ، يَعتبر الخطأ ضرورة ابستمولوجيا ، وبدونه لا تتحقق المعرفة المرجوة وذلك باعتبار ان كل حقيقة علمية فهي خطأ سابق تم تصحيحه ، وبالتالي فالخطأ هو ايجابي في حياة المتعلم لأنه يترجم سعيه الدائم لبلوغ المعرفة واحراز التقدم المعرفي .
و الخطأ حسب غاستون باشلار ليس عثرة امام التقدم والسير نحو الامام ، و انما هو ضرورة بيداغوجية تمثل نقطة انطلاق المعرفة لان هذه الاخيرة لا تُمنح جاهزة بل تتأسس على مجموعة من الاخطاء التي تم تصحيحها .
الخطأ لغة ، الابتعاد عن الصواب، وفي البيداغوجيا أو الخطأ البيداغوجي هو ” قصور لدى المتعلم في فهم او استيعاب التعليمات المعطاة له من لدن المدرسين، ينتج عنه اعطاء معرفة لا تنسجم مع معايير القبول المرتقبة ” .
وحسب ادغار موران ( فيلسوف وعالم اجتماع فرنسي ) ، لا عيب في ارتكاب الخطأ ، وانما الخطأ في عدم تقدير الخطأ ، لان فهم الخطأ ومعرفة مصدره يوجهنا لا محالة الى ادراك نواقص المعرفة وبتصحيحها تتشكل المعرفة الكاملة .
والحقيقة في حقل المعرفة ليست أبدية وانما حقائق الحاضر هي اخطاء المستقبل ، وكلما تطورت وسائل المعرفة كلما ظهرت حقائق معرفية جديدة تصحح اخطاء المعرفة التقليدية .
ومن البديهي أن طالب العلم أثناء تحصيله الاولي للمعرفة سيرتكب اخطاء تخص فهمه وادراكه للمواد المدروسة ، وهي اخطاء حتمية لابد منها ، لذلك يرى الفيلسوف الفرنسي جان بياجيه أن ” الخطأ شرط التعلم ” وهو دليل على ان الطالب يجتهد في بلوغ المعرفة ومحاولاته الدائمة في معرفة المزيد .
وبالتالي فالخطأ ضرورة ابستمولوجيا ، وعلينا كرواد المعرفة تقدير الخطأ واعطاءه أهمية كبيرة أثناء تقديم المعرفة .
متى يصير الخطأ منهج واستراتيجية للتعلم ؟
– رصد الخطأ المرتكب من طرف المتعلم واكتشافه بدقة .
– عدم تحسيس المتعلم بالذنب جراء ارتكابه للخطأ ، مع اشعاره بأنه قد ارتكب خطأ معين ولا بأس في ذلك لأنه بداية التعلم .
– تصنيف نوعية الخطأ المرتكب .
– الانطلاق من الخطأ للعبور بالمتعلم الى المعرفة الحقة .
– محاولة جعل المتعلم يساهم في تحديد أماكن الخطأ .
– وضع فرضيات لأجل تصحيح الخطأ ، يكون المتعلم قد شارك في وضعها .
– تقويم تلك الفرضيات والخروج من الخطأ الى الصواب .
أنواع الخطأ البيداغوجي :
– أخطاء مرتبطة بالمتعلم : يكون مرتكبها شخص واحد ضمن جماعة القسم .
– أخطاء مرتبطة بجماعة القسم : يكون مرتكبها أكثر من شخص داخل الفصل الدراسي .
– أخطاء مرتبطة بالوضعية الديداكتيكية بسبب صعوبتها أو عدم امتلاك المتعلم الاليات والوسائل المعرفية لحل وفهم مضامينها.
مقالات اخرى مفيدة :
– تعريف البيداغوجيا وانواعها (اقرأ من هنا )
– الفلسفة المنفتحة عند غاستون باشلار ونظرته الى اسلوب التربية والتعليم (اقرأ من هنا)
موضوعات قد تعجبك
تعليقات
إرسال تعليق