ملخص تاريخ حضارة بلاد الرافدين

ملخص تاريخ حضارة بلاد الرافدين
ملخص تاريخ حضارة بلاد الرافدين

تعتبر بلاد الرافدين من أقدم الحضارات الانسانية التي عمرت الارض منذ بداية التاريخ ، وأهم ما يميز حضارة بلاد الرافدين هو أن أثرها الحضاري لازال قائما الى الان ولازال الباحثين متعطشين لمعرفة المزيد عن هذه الحضارة العريقة .
– فأين تقع بلاد الرافدين على الخريطة ؟ ولماذا سميت بحضارة بلاد الرافدين ؟
– وما هي أهم المراحل التاريخية التي مرت منها حضارة بلاد الرافدين ؟
– وما هي أهم المخلفات الحضارية لحضارة بلاد الرافدين (فكريا وتشريعيا) ؟

أتعرف على الموقع الجغرافي لحضارة بلاد الرافدين

تقع بلاد الرافدين ما بين نهري دجلة والفرات ( وتحديدا بلاد العراق الحالية ) ، ويحدها من الشرق بلاد فارس ، ومن الجنوب شبه الجزيرة العربية ، ومن الغرب البحر الابيض المتوسط وبلاد مصر ، ويحيطها من كل الجهات الهلال الخصيب .
وكلمة الرافدين في اللغة الآرامية القديمة تعني “ما بين النهرين” ، والنهرين هما : دجلة والفرات ، لذلك نجد في بعض المصادر التاريخية قد ذكرت بلاد الرافدين باسم “بلاد ما بين النهرين” وكلا الاسمين هما صحيحين .

أتعرف على أهم المحطات التاريخية لبلاد الرافدين

من خلال ملاحظة الخط الزمني لحضارة بلاد الرافدين ، يتضح لنا أن بلاد الرافدين خرجت من مرحلة ما قبل التاريخ الى مرحلة التاريخ سنة 3500 ق.م تقريبا، وقد عمرت بلاد الرافدين منذ القديم العديد من الحضارات الانسانية التي لازال أثر معالمها محفورا ومحفوظ الى الآن .

الحضارة السومرية

وأول حضارة عمرت بلاد الرافدين هي حضارة سومر المعروفون بالسوماريين ومكتشفو الكتابة المسمارية التي كان بها يدونون تاريخهم واساطيرهم .

وكانت بلاد الرافدين في عهد السوماريين مقسمة الى مدن عديدة وكل مدينة لها حاكهما وشعبها الخاصة ، وأطلق الباحثون على تلك المدن اسم “مدن الدول” ، وتتشارك جميعا في المقومات الحضارية التي كانت تميز بلاد الرافدين في تلك الحقبة التاريخية .

وظلت بلاد الرافدين في عهد السوماريين مقسمة الى دويلات او مدن الدول الى أن استطاع حاكم مدينة أوما “لوكال زاكيزي” السومري السيطرة على معظم المدن السومارية ، ليؤسس بذلك أول دولة في تاريخ العراق القديم عاصمتها الوركاء .

الكتابة المسمارية وخواصها

كما سبقت الإشارة ، أول من اكتشف الكتابة المسمارية هم السومريون ، وأصبحت هي لغة التعبير الحضاري عندهم بل عند كل سكان بلاد الرافدين .
وسميت يالمسمارية لأن شكل الأحرف التعبيرية فيها كانت على شكل مسامير.
وقد تطورت الكتابة المسمارية في بلاد الرافدين وفق ثلاث مراحل أساسية :
– المرحلة الأولى : كان التعبير الكتابي فيها عن طريق نقش الصوري على الحجر، ابتداء من سنة 3300 ق.م تقريبا
– المرحلة الثانية : وهي مرحلة الكتابة المسمارية الخطية، وبدأ الإعتماد عليها منذ عام 2400 ق.م تقريبا
– المرحلة الثالثة : وهي مرحلة الكتابة المسمارية الصوتية (أخر مرحلة من تطور الكتابة المسمارية)

أما الأدوات التي كانت تستعمل في الكتابة المسمارية نجد :
– قلم من القصب
– قلم له رأس دائري
– قلم ذو رأس مثلثي

الدولة الأكدية

لكن “لوكال زاكيزي” لم يستطع البقاء على عرش مملكته الجديدة طويلا ، حيث صادف لوكال شخصية سياسية وعسكرية اخرى منافسة له وهي شخصية “سرجون الأكدي” الذي خاض معارك طاحنة ضد الملك “لوكال زاكيزي” ، واستطاع في نهاية المطاف القضاء عليه وعلى مملكته وأسس على أنقاضها مملكة جديدة وهي “الدولة الأكدية (2350 ق.م – 2159 ق.م)” ، عاصمتها مدينة “أكد” (بنبت على يد سرجون الأكدي)، ولم تكتفي الدولة الأكدية الجديدة بالسيطرة على الدويلات السومارية فقط بل امتد نفوذها ليشمل اقاليم وبلدان بعيدة امتدت الى ساحل البحر الابيض شمالا والى ساحل الخليج العربي جنوبا ، وبذلك تأسيس أول امبراطورية عرفها التاريخ القديم .

وقد اثبت الدراسات الاثرية التي أقيمت في بلاد العراق أن الامبراطورية الأكدية قد تعاقب على حكمها خمس ملوك، وكان أخرهم “شرجلي شارى” الذي عمل جاهدا للحفاظ على مملكة أجداده من الاندثار، لكن فور وفاته عام 2198 ق.م حدث داخل الدولة الأكدية فوضى عارمة بدأت باستقلال المدن السومارية عن السلطة المركزية ، وانتهت بزحف الأقوام “الجوتية” من المناطق الجبلية المتواجدة في حدود البلاد نحو اوساط الدولة الأكدية، وشرعت في التخريب والدمار حتى شاع الخوف بين كل سكان المدن السومارية ، وبذلك تم القضاء نهائيا على الدولة الأكدية عام 2159 ق.م .

النهضة السومرية

ومع توالي السنين خفت شدة “الجوتيين” رويدا رويدا على المدن السومارية ، بل بدأوا من تلقاء أنفسهم يندمجون في الحضارة والثقافة السومارية ويعبدون ألهتهم ، الامر الذي ساعد السوماريين من احياء مدنهم واعادة نهضتهم ، وترتب عن ذلك ظهور دول سومارية قوية بعد التخلص من سيطرة “الجوتيين” كمدينة “لجش” و”أوروك” و”أور” .

دولة أور

ومن أشهر هذه الدول ، دولة “أور” التي استطاعت في القرن 21 ق.م السيطرة على الكثير من المدن السومرية والأكدية ، حتى كاد ملكها يضاهي ملك الأكاديين سابقا ، إلا أن عزم “العيلاميون” و “الأموريون” المنافسين لأور وضعوا دولة أور بين فكي كماشة ، فانهزم جيشها أمامهم في الكثير من المعارك وتفكك الوحدة المركزية للدولة تم اسقاط دولة أور في أوساط القرن 21 ق.م .

وأهم ما ميز هذه الاحداث بعد سقوط دولة أور هو انتشار الأموريين في المدن العراقية واستقروا فيها وتولوا حكم بعضها ، ومن تلك المدن كانت مدينة “بابل” التي عرفت عند السومريين سابقا باسم “كدنجيرا” ، التي سينبثق منها حضارة جديدة لازال الظهر يذكر معالمها الى الآن وهي “حضارة بابل” .

دولة بابل

لما استقر الأموريين في بلدة “كدنجيرا” وأحكموا سيطرتهم عليها ، أطلقوا عليها اسم “بابل” ( بابل معناها : باب الإله )، واحسنوا استغلال موقعها الجغرافي زراعيا وتجاريا ، وأسسوا على أراضيها دولة قوية لا زال التاريخ يذكر اسمها كلما حاول الحديث عن بلاد العراق والشام .

أما بخصوص تاريخ تأسيس دولة بابل فلا توجد أي حقيقة تاريخية تؤكد لنا تاريخ التأسيس بالضبط لكن المتعارف عليه في كتب التاريخ انها تأسست السنة 1880 ق.م أو ربما قبل عام 2100 ق.م .

وقد تعاقب في العصر البابلي الاول (او ما يسمى بالعصر البابلي القديم) 5 ملوك وهم :
– سومو أبوم
– سوسوإيل
– سابو
– أب إيل سين
– سين مو بالليط

وأهم ما ركز عليه الملوك البابليين في هذه الفترة هو تحصين مدينة بابل من الاعتداء الخارجي وخاصة من الاشوريين الذين كاونوا في صراع دائم معهم.

فظلّ البابليون على هذا الحال إلى حدود عام 1829 ق.م (أو ما بين 1892 ق.م وعام 1850 ق.م، أو عام 2100 ق.م، لان أراء المؤرخين مختلفة ومتباينة) وهو عام اعتلاء ملكهم السادس “حمورابي” عرش بابل .

حكم حمورابي لبابل

لما اعتلى حمورابي عرش بابل عام 1829 ق.م دخلت البلاد عصرا وعهدا جديدا ، فتحولت بابل من دويلة صغيرة ودولة عظيمة الشأن والقوة.

فبعد أن أظهر حمورابي قوته العسكرية وحنكته السياسية على كل الدويلات المجاورة لبابل ، استتب له الأمر واستقرت زعامته وسيطرته على كل بلاد الرافدين، واعترفت دولة أشور (الواقعة شمال بلاد الرافدين) بنفوذه رغم أنها لم تدخل تماما تحت سلطته

قوانين حمورابي

لم يكن تفوق حمورابي على المستوى السياسي و العسكري والاقتصادي فقط ، وإنما أيضا على المستوى التشريعي والقضائي ، حيث أصدر تشريعات وقوانين اشهرت باسمه ، وهي تشريعات تضم حوالي 282 مادة قانونية، وهي كلها تشريعات تنظم علاقات سكان المجتمع البابلي فيما بينهم سواء على المستوى القضائي أو الأمني أو الحقوقي ، وقد إعتبرها بعض الباحثين والدارسين للتاريخ أنها أول قوانين مدنية وضعية وضعها الانسان في التاريخ (رغم أن هناك البعض الأخر الذي لا يعترف فهذا الأمر ويقر بأن هناك دول سبقت بابل في سن قوانين مدنية منظمة لحياة السكان لكن التابث أنها لم تكن منظمة كتنظيم تشريعات حمورابي).

وأهم ما ميز تشريعات حمورابي أنها بينت لنا كدارسين للتاريخ البابلي البنية المجتمعية للمجتمع البابلي ، حيث ميز حمورابي في سن قوانينه وفرض عقوباته على مخالفيه بين ثلاث فئات مجتمعية أساسية وهي :
– فئة الأحرار
– فئة نصف الأحرار
– فئة العبيد

ناهيك عن التطور الذي حصل في ميدان الأسرة في المجتمع البابلي ، حيث بموجب تطبيق قانون حمورابي أصبح الزواج داجل المجتمع البابلي يوثق بعقد مكتوب ، فكان بذلك البابليين أول دولة تتبع هذا النهج في التاريخ .

كما أن الكتابة المسمارية ساعدة البابليين كثيرا في تطبيق تشريعات حمورابي ، وخاصة الكهّان وكتاب القصر في إحكام سيطرتهم ونفودهم على البلاد من خلال تدوين سجلات منظمة لأراضي وممتلكات سكان بابل ومنح الضرائب وغيرها …

وتعاقب على حكم بابل بعد حمورابي (الذي حكم البلاد حوالي 43 عاما) خمس ملوك ، فبدأ الضعف يدب في أوساط البلاد في عهدهم ، وخاصة بعد دخول الكاسيين بابل ومشاركتهم في حكم الدولة .
واستمرت بابل على هذا الوضع إلى حدود عام 1100 ق.م تقريبا لما دخلت بلاد الرافدين تحت الاحتلال الآشوري ثم الفارسي .

مقالات أخرى مهمة :
– المسالك والممالك PDF – ابو عبيد الله البكري
– موجز التاريخ الإسلامي PDF – أحمد معمور
– طبقات الأمم PDF – صاعد بن أحمد الأندلسي
– الكامل في التاريخ PDF – ابن الأثير ( في 11 جزء )