النظرية البنائية روادها ومبادئها

النظرية البنائية
النظرية البنائية

تعريف النظرية البنائية 

تقوم النظرية البنائية ( كما جاء في تعريف الدليل البيداغوجي المغربي ) على اعتبار المتعلم يبني المعرفة اعتمادا على ذاته فقط ، يلاحظ ، ينتقي ، يصوغ فرضيات ، يحلل ، يتخذ قرارات ، ينظم ويستنتج ويدمج تعلماته الجديدة في بنيته المعرفية أو الذهنية الداخلية .
كما أن سيرورة تعلمه تمر بصراع بين مكتسباته السابقة والتعلمات اللاحقة ، وذلك على أربع مراحل تسمى بـ ” سلم الارتقاء ” ( كما هو متضح في الفقرة الموالية ) ، وبالتالي فالنظرية البنائية ترى أن المتعلم يبني تعلماته من خلال التفاعل مع بيئته وفق تسلسل كرونولوجي يؤطره الصراع بين المكتسبات المعرفية السابقة والمكتسبات اللاحقة وفق مراحل متسلسلة.

مراحل النمو المعرفي في النظرية البنائية (حسب جون بياجيه) 

حسب النظرية البنائية ( كما جاء عند جون بياجيه صاحب كتاب الابستمولوجيا التكوينية ) فالنمو المعرفي عند الانسان يمر من أربع مراحل أساسية:

1- المرحلة الحس – حركية: تبدأ هذه المرحلة من ولادة الطفل الى سنتين من عمره ، وفيها يكون تعلم الطفل عن طريق تفاعله مع بيئته بواسطة حواسه وذاته أكثر من تفاعله بواسطة تفكيره وإعمال العقل .

2- مرحلة ما قبل العمليات المحسوسة: وتبدأ هذه المرحلة عند الطفل من سن السنتين إلى السبع سنوات ، وفيها يتعلم الطفل اللغة من التواصل مع بيئته ، كما أن ذاكرته تكون ضعيفة.

3- مرحلة العمليات المحسوسة: تبدأ هذه المرحلة من السن السابعة الى الحادية عشرة ، وفيها يكون الطفل قادر على القيام بعمليات عقلية : كالتفريق بين زمن الماضي والحاضر- تصنيف وترتيب الاشياء من الاصغر الى الاكبر- والقيام بعمليات التمييز والمقارنة ، طالما أنه يتعامل مع أشياء محسوسة وليست مجردة.

4- مرحلة العمليات المجردة: تبدأ هذه المرحلة من سن الثانية عشرة إلى سن البلوغ ( الخامس عشر ) ، ويكون فيها الطفل المراهق قادر على الفهم والإدراك ، وفهم المفاهيم المجردة : كالأمانة والصدق والإيمان … ، و ممارسة التخيل والتصور العقلي ، ومواجهة المشكلات التي قد تواجهه والبحث لها عن حلول.

أهم مفاهيم البنائية

اثناء دراستكم لـ النظرية البنائية ستواجهون الكثير من المفاهيم التي تتكرر دائما معكم والتي تشكل الجهاز المفاهيمي لـ النظرية البنائية ، لذلك في هذه الفقرة وضعنا بين أيديكم أهم المفاهيم التي يجب فهمها ضمن سياق النظرية البنائية:

1- التمثل Assimilation: المقصود به استقبال المتعلم المعارف من بيئته ووضعها ضمن خطاطات معرفية / ذهنية لديه سابقا.

2- الملاءمة Accomodation: هي العملية التي يقوم بها عقل المتعلم من أجل تعديل الأبنية المعرفية لتناسب المعارف الجديدة المكتسبة.

3- التكيف Adaptation: يعني اندماج المتعلم مع محيطه الخارجي.

4- التوازن Equilibration: يتحقق عندما يستطيع المتعلم توظيف مهاراته الذهنية مع متطلبات البيئة الخارجية ، وبذلك تحقيق الانسجام بين المتعلم وبيئته، ويسمى هذا التوازن أيضا بـ ” التنظيم الذاتي ”.

مثال توضيحي من أجل ضبط مفاهيم البنائية 

لنفترض مثلا أن طفل شاهد تمساحا لأول مرة ، ما سيحدث في هذا الحالة حسب النظرية البنائية:
1- يلتقط الطفل صورة ذهنية لذاك التمساح ويرسلها الى ذهنه ( الخطاطات المعرفية أو الذهنية )، فهنا يحدث ما يسمى بـ ” التمثل ".

2- وبما أن صورة التمساح لا توجد في تلك الخطاطة الذهنية للطفل، لا يستطيع الطفل التعرّف على التمساح ويقع في حالة لا توازن.

3- وبعدها تأتي أم الطفل وتعرفه باسم التمساح وكيف يعيش حياته، هنا يحدث للطفل ما سميناه بـ ” الملاءمة ” والتي تؤدي بدورها إلى ” التكيف ”.

4- ومباشرة بعد ذلك يدخل الطفل الى حالة التوازن ( الجديدة ) وتحقيق الانسجام بين بيئته.

التعلم في النظرية البنائية

– التعلم حسب النظرية البنائية هو عملية نشيطة، ويتحقق عندما يبذل المتعلم جهدا عقليا للوصول الى المعرفة واكتشافها بنفسه ، بعدما يواجه مشاكل معرفية تخص بيئته ويحاول حلها ، وطوال مساره من أجل الوصول الى الحلول ( تحقيق معرفة جديدة ) يكون نشيطا ، وبالتالي يتحقق ما ذكرناه في البداية على أن التعلم هو عملية نشيطة.

– التعلم سيرورة بنائية: وذلك حينما يحاول المتعلم تركيب المعارف الجديدة وتنظيمها ضمن معارفه السابقة (الخطاطة المعرفية أو الذهنية ).

– التعلم سيرورة غرضية التوجه : بمعنى أن المتعلم يسعى من خلال بحثه عن المعرفة تحقيق أغراضه وأهدافه الذاتية ، وهذه السيرورة تكون بمثابة قوة و محفز ذاتي للمتعلم من أجل التعلم.

– تتأسس أفضل الظروف للتعلم عندما يواجه المتعلم مشكلة معرفية ويعمل جاهدا لحلها ، وهذا الاندفاع الذاتي لدى المتعلم من اجل اكتساب المعرفة يساهم بشكل كبير في تهيئة أفضل الظروف للتعلم.

– المعرفة القبلية شرط أساسي لبناء تعلم حقيقي ، لان التفاعل الذي يحصل بين المعرفة الجديدة والمعرفة السابقة يعتبر أهم ركيزة في عملية التعلم.

– التعلم أو اكتساب المعرفة هي عملية وليست نتيجة.

مقالات ذات صلة :
– النظرية السلوكية روادها ومبادئها 
– النظرية الجشطالتية روادها ومبادئها